تبعاً لأهمية قطاع التمويل متناهي الصغر الذي يعمل به 964 جمعية وشركة تمويل تخدم فئة عريضة من المستفيدين يتجاوز عددهم 3.5 مليون عميل، وحرصاً من الاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر على ضرورة إلقاء الضوء على أبرز محاور النشاط فإنه يعرض في التقرير التالي أهم 12 سؤالاً وجواباً حول قطاع التمويل متناهي الصغر والاجراءات التي تم اتخاذها خلال المرحلة الراهنة.
ما هو التمويل متناهي الصغر؟
يقصد بالتمويل متناهي الصغر كل تمويل لأغراض اقتصادية إنتاجية أو خدمية أو تجارية، في المجالات وبالقيمة التي يحددها مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، وبما لا يجاوز 100 ألف جنيه مصري. وأجاز القانون زيادة الحد الأقصى بما لا يجاوز 5% سنويا، وذلك وفقا للظروف الاقتصادية ومتطلبات السوق، بموجب قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح مجلس إدارة الهيئة.
ويعتبر التمويل متناهي الصغر وسيلة رئيسية من وسائل مكافحة الفقر وتشجيع مساهمة الفئات محدودة الدخل فى النشاط الاقتصادي، بما يساهم فى الحد من البطالة وتحسين دخول الأسر الأكثر فقراً، ويحقق آثارا إيجابية على زيادة حجم الاستثمار والتشغيل فى الاقتصاد القومي.
ويتسم التمويل متناهى الصغر وفقاً للتجارب السائدة فى مختلف بلدان العالم بأنه يعتمد على الاتصال الشخصي والمباشر بين جهة التمويل والعملاء، وعلى إتاحة تمويل بمبالغ أو خدمات محدودة القيمة، بما يتطلب وجود كيانات مؤسسية منظمة قادرة على توفير عدد كبير من مسؤولي التمويل المدربين على العمل الميداني والتواصل الشخصي مع الأفراد والكيانات والمشروعات متناهية الصغر.
متى بدأ التنظيم التشريعي لنشاط التمويل متناهي الصغر فى مصر وما التشريع الذى ينظمه؟
في 13 نوفمبر 2014 صدر القانون 141 لسنة 2014 بتنظيم نشاط التمويل متناهي الصغر وفقا لمعاييرموحدة وضوابط محددة للترخيص بممارسة النشاط وللرقابة عليه، تصدرها الهيئة العامة للرقابة المالية، بما يضمن الكفاءة المؤسسية والاستدامة المالية وحماية حقوق المستفيدين. كما سمح القانون للجمعيات والمؤسسات الأهلية وشركات القطاع الخاص بالحصول على الترخيص بممارسة النشاط من الهيئة التي حددت شروط إصداره وضوابط ممارسة النشاط.
متى تم تأسيس الاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر وما هي اختصاصاته؟
تأسس الاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر بموجب قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 2 لسنة 2015 تنفيذا للقانون 141 لسنة 2014. وتم انتخاب أول مجلس إدارة للاتحاد في 16/9/2015. وتتضمن اختصاصات الاتحاد تقديم التوصيات بشأن التشريعات المنظمة للنشاط، وتنمية مهارات العاملين وتدريبهم، والتنسيق بين الأعضاء والدفاع عن مصالحهم وتبني مبادرات دعم صناعة التمويل متناهي الصغر بوجه عام.
كما أشترط القانون لإصدار الترخيص بممارسة النشاط لأي جمعية أو مؤسسة أهلية أو شركة من القطاع الخاص، أن تكون عضواً بالاتحاد، وسمح للبنوك التي تمارس النشاط والخاضعة لإشراف البنك المركزي بالانضمام للاتحاد. وبذلك أصبح الاتحاد ممثلاً للصناعة وقادراً على بناء جسور التعاون بين المؤسسات المالية من الأعضاء والجهات الرقابية، وخاصة البنك المركزي والهيئة العامة للرقابة المالية، بالإضافة لوزارة التضامن الاجتماعي وللشركاء الأساسيين الداعمين وهم جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر والشركة المصرية للاستعلام الائتماني وشركة ضمان مخاطر الائتمان.
ماهي الأهداف التي يسعى الاتحاد لتحقيقها؟
منذ إنشاء الاتحاد كانت له رؤية واضحة تلخصت في بناء قطاع للتمويل متناهي الصغر يطبق أفضل الممارسات العالمية في مصر، ويساهم في مكافحة الفقر من خلال دعم آليات الادماج المالي للفقراء وتنمية مشروعاتهم، ويدعم تنفيذ خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ولتحقيق هذه الرؤية، سعى الاتحاد لتنمية نشاط التمويل متناهي الصغر لإتاحة الخدمة في كافة أنحاء وقرى مصر، بما يلبى احتياجات جميع المواطنين من أعضاء الأسر الفقيرة في القطاع غير الرسمي غير المؤهلين للتعامل مباشرة مع البنوك، خاصة في المناطق العشوائية والريفية. ولذلك تركزت جهود الاتحاد على توفير مصادر التمويل لأعضائه لإعادة ضخها للمستفيدين من ناحية، وبناء ودعم قدرات مؤسسات التمويل متناهي الصغر من خلال توفير برامج تدريبية متخصصة وتقديم المعونة والاستشارات الفنية لرفع الكفاءة المؤسسية ودعم الاستدامة المالية وجودة الخدمات المالية، من ناحية أخرى، وتوفير خدمة الاستعلام الائتماني للجمعيات والمؤسسات الأهلية التي لا تتوفر لديها القدرات على الاستعلام المباشر من شركة الاستعلام الائتماني.
من هم أعضاء الاتحاد؟
يضم الاتحاد عدد 964 من الجمعيات والمؤسسات الاهلية وعدد 11 شركة مساهمة مرخص لها بمزاولة النشاط من الهيئة العامة للرقابة المالية، وعدد 9 بنوك خاضعة لرقابة البنك المركزي، بالإضافة الي جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر وشركة ضمان مخاطر الائتمان.
ما هي النتائج التي حققتها صناعة التمويل متناهي الصغر خلال الفترة الأخيرة؟
وارتفعت قيمة محفظة التمويل متناهي الصغر الإجمالية في الفترة ما بين 31 ديسمبر 2016 حتى 31 ديسمبر 2019 من 6.4 مليار جنيه إلى 26.2 مليار جنيه بمعدل نمو 400% محققة طفرة غير مسبوقة، كما زادت قاعدة المستفيدين من 2 مليون مستفيد إلى 3.5 مليون مستفيد بمعدل نمو يبلغ 170% بإضافة 1.5 مليون عميل جديد. وقد كان لتوفير التمويل من البنوك المصرية إلى الجمعيات والمؤسسات الأهلية والشركات المرخص لها لإعادة ضخها للمستفيدين، نتيجة مبادرة البنك المركزي في مايو 2017 أكبر الأثر في تحقيق هذه المعدلات، وكذلك برامج بناء القدرات والتدريب التخصصي التي وفرها الاتحاد في جميع المحافظات بدعم من البنك المركزي والهيئة العامة للرقابة المالية.
ويسعي الاتحاد لنشر خدمات التمويل متناهي الصغر بكل ربوع مصر مستهدفاً الفئات الفقيرة والأقل دخلا، وذلك بزيادة معدلات الدمج المالي بين الشرائح المهمشة وزيادة عدد المستفيدين من 3.5 مليون إلى 5 مليون مواطن على المدى القصير ثم إلى 13 مليون مستفيد بنهاية 2027 وتلبية كافة الاحتياجات المتزايدة بحلول 2030. ويتطلع الاتحاد لزيادة معدلات استخدام المحمول والبطاقات الائتمانية وغيرها من وسائل الدفع الإلكتروني كأدوات لرفع كفاءة الخدمة وتخفيض تكلفتها ودعم تنمية الصناعة وتحقيق أهدافها.
يستهدف التمويل متناهي الصغر الفئات الأقل دخلاً والتي تعول الأسر الفقيرة، وخاصة المرأة المعيلة والتي تعول نسبة تصل إلى حوالي 30% من الأسر الأشد فقراً في مصر، حيث تمثل نسبة العميلات من النساء 65.13% من إجمالي عملاء التمويل متناهي الصغر بمصر، بينما تمثل قيمة التمويل المقدمة للنساء نسبة 48.8% من اجمالي قيمة محفظة التمويل متناهي الصغر. وبالرغم أن عدد العميلات يفوق عدد العملاء فهن ثلثي إجمالي عدد العملاء، إلا أن حصتهن من إجمالي محفظة التمويل تقل عن النصف، ويرجع ذلك إلى أن العميلات يفضلن قروض المجموعة الأقل قيمة والتي تمنح بدون ضمانات عينية وبضمان عضوات المجموعة، وهو ما يتسق مع طبيعة العميلات الأكثر تحفظاً وحرصاً عند التعامل مع الائتمان، ولذا فإن نسبة السداد للتمويل الموجه للنساء بوجه عام تفوق مثيلتها في التمويل الموجه للرجال.
ومن حيث نوعية المشروعات متناهية الصغر الممولة، يمثل النشاط التجاري نسبة 64.25% من إجمالي المستفيدين، ثم يأتي بعده النشاط الزراعي بنسبة 14.87%، ثم النشاط الخدمي بنسبة 13.97% من اجمالي عدد المستفيدين، ثم النشاط الانتاجي بنسبة 6.91%، وهو ما يشير لأهمية التركيز على الدعم الفني للمشروعات متناهية الصغر خاصة في الأنشطة الإنتاجية والزراعية والخدمية.
ونلاحظ أيضا زيادة عدد مقدمي الخدمة حيث كان عدد الجمعيات / المؤسسات الأهلية الحاصلة على ترخيص بممارسة النشاط من الهيئة العامة للرقابة المالية في نهاية عام 2016، 755 جمعية / مؤسسة أهلية، وكان عدد الشركات المرخص لها 3 شركات فقط، وبنهاية ديسمبر 2019 ارتفع عدد الجمعيات / المؤسسات الأهلية الحاصلة علي ترخيص ممارسة النشاط إلى 964 جمعية/ مؤسسة أهلية كما زاد عدد الشركات المرخص لها إلى 11 شركات.
كيف تعاملت الجهات المختصة في مجال التمويل متناهي الصغر مع الأزمة الراهنة؟
منذ اللحظات الأولى للأزمة الراهنة، تم تشكيل لجنة مصغرة مكونة من الهيئة العامة للرقابة المالية والاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر لمتابعة كافة التطورات وإمكانية مساندة طرفي التمويل وهم المستفيدين والمؤسسات العاملة في المجال، وبالفعل أصدرت الهيئة تعليمات بكتاب دوري في 29 مارس 2020 وتم اتخاذ عدد من الاجراءات منها:
ترحيل أو تخفيض قيمة أقساط شهري مارس وأبريل بما يعادل 50% من قيمة كل قسط على الأقل، والحصول على موافقة العميل على الترحيل أو التخفيض وتكلفة الترحيل للسداد في نهاية جدول التمويل.
- خفيض تكلفة التمويل للعملاء المنتظمين في السداد.
- إعفاء العميل من عمولة السداد المعجل في حالة دفع أكثر من قسط.
- تحمل جهات التمويل متناهي الصغر قيمة أقساط التأمين متناهي الصغر الإلزامي ضد مخاطر الوفاة والعجز الكلي المستدام،
- تقديم خدمات مالية مجانية للعملاء، منها تحمل مصروفات المعاملات المالية الإلكترونية.
- تخفيض قيمة المصاريف الإدارية لتجديد التمويلات القائمة.
لكن لماذا لم يتم تأجيل أقساط القروض متناهية الصغر لمدة 6 أشهر ؟
يجب على مستفيدي التمويل متناهي الصغر الأخذ في الاعتبار بأن الجهات التي يحصلون منها على التمويل لا تخضع لرقابة البنك المركزي المصري وبالتالي لا تلتزم بتطبيق القرارات التي يصدرها ومن ضمنها قراره فيما يخص تأجيل قيمة أقساط القروض لمدة 6 أشهر، وإنما تخضع الجمعيات والمؤسسات الأهلية وشركات التمويل متناهي الصغر لرقابة وإشراف الهيئة العامة للرقابة المالية ولمتطلبات العضوية بالاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر.
لماذا لم تقرر الهيئة العامة للرقابة المالية تأجيل سداد الأقساط لمدة 6 أشهر؟
تواصل الاتحاد منذ بداية الأزمة مع الهيئة العامة للرقابة المالية، بهدف الإسراع بإصدار عدد من التدابير الاحترازية تهدف إلي:
1- التيسير والتخفيف على العملاء المتضررين، ومنحهم مزايا وتسهيلات تدعم استمرارية مشاريعهم، بما يتفق مع الطبيعة الخاصة للتمويل متناهي الصغر والتي لا تستند أساسا إلى ضمانات وإنما إلى الانتظام في السداد لأقساط تكون قليلة القيمة ومتقاربة زمنيا (غالبا كل أسبوع أو أسبوعين للتمويل الجماعي)، بما يتناسب مع الدوران السريع لرأسمال المشروع متناهي الصغر الممول، وهو ما لا يتفق مع تأجيل السداد لمدة طويلة نسبيا كستة أشهر ويتعارض مع تحقيق الهدفين التاليين.
2- ضمان الحد الأدنى للاستدامة المالية للجمعيات والمؤسسات الأهلية والشركات حتى تتمكن من سداد تكلفة تقديم الخدمة الأساسية بما في ذلك مرتبات ما يقرب من 50 ألف موظف في جميع محافظات مصر، وسداد التزاماتها للبنوك الممولة والاستمرار في تقديم خدمة التمويل متناهي الصغر. ذلك أن أصحاب المشروعات متناهية الصغر هم أول المضرورين في حالة توقف الجمعيات والمؤسسات الأهلية والشركات عن ضخ التمويل لمشروعاتهم متناهية الصغر.
3- المحافظة على مصالح البنوك الممولة لهذه الجمعيات والمؤسسات والشركات بتسهيلات تقدر بحوالي عشرين مليار جنيه وفقا لما أعلنه محافظ البنك المركزي. والجدير بالذكر أن الجمعيات والمؤسسات الأهلية والشركات التي تقدم خدمات التمويل متناهي الصغر لا تتمتع بأي إعفاءات من السداد أو مميزات في تعاملها مع البنوك التي تمولها باعتبارها مؤسسات مالية مرخص لها من الهيئة العامة للرقابة المالية بتقديم خدمات مالية غير مصرفية وهي خدمات التمويل متناهي الصغر.
هل تطبق جميع مؤسسات وشركات التمويل متناهي الصغر تلك الاجراءات المعلن عنها؟
بالفعل بدأت جمعيات ومؤسسات وشركات التمويل متناهي الصغر تنفيذ تلك الإجراءات الصادرة في 29 مارس 2020 اعتبارا من نهاية مارس 2020.
لكن بعض الموظفين يتواصلون مع العملاء للحصول على الأقساط المستحقة عن شهر مارس وابريل ولا يوجد تطبيق لمثل هذه الاجراءات؟
إذا واجه العملاء مثل هذه الممارسات فعليهم بالتواصل مباشرةً مع المركز الرئيسي أو الفرع للجمعية أو الشركة وفي حالة عدم التوصل لأي حلول مقبولة، فإنه ينبغي على العميل التواصل مع الهيئة العامة للرقابة المالية أو الاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر من خلال وسائل التواصل الرسمية، ومن خلال الخط الساخن للاتحاد 16958.
لكن هناك حملة من بعض المتضررين تطالب بعدم سداد الأقساط المستحقة لعدم استقرار الأوضاع الراهنة؟
ينبغي علينا أن نعي أنه ينبغي على العميل سداد قيمة قسط التمويل في حال قدرته على ذلك، لاسيما أن أغلب العملاء لم تتضرر أنشطتها مطلقا أو لم تغلق أنشطتها بالكامل وإنما يمارسونها خلال ساعات النهار قبل بدء حظر التجوال. أما فيما يخص العملاء المتضررين فإنه ينبغي عليهم التوجه لفروع الجمعية/المؤسسة أو الشركة للاستفادة من المزايا والتسهيلات المتاحة بموجب القرارات السابق ذكرها.
ونؤكد أنه لا ينبغي الانسياق وراء تلك الحملات أو الخضوع لتحريض أصحاب المصالح على عدم السداد خاصة مع وجود الحلول المذكورة وتفهم كافة الجهات لظروف الأزمة الراهنة. ونشير إلى أن تلك الحملات التي تقود العملاء للامتناع عمداً عن السداد أو عدم التوجه لمؤسساتهم، ستضر بهؤلاء العملاء وبالمؤسسات نفسها والتي ساندت عملاءها على مدار سنوات طويلة. فإذا توقف العملاء عن السداد سيترتب على ذلك بالضرورة توقف المؤسسات عن ضخ التمويل بسبب توقف البنوك عن تمويلها، وفي جميع الأحوال يكون العملاء أول المضرورين في حالة توقف نشاط مؤسسات التمويل متناهي الصغر.