تصاعدت في الأيام الأخيرة على منصات التواصل محادثات وصور تشير إلى توقف نحو 50 سائق توصيل في مناطق متفرقة بعد ضبط صناديق تحمل شعارات شركات توصيل دون وجود ما يُعرف برخصة «الإعلان للغير». التقارير الحكومية والجهات المعنية بدأت خطوات توثيقية، فيما اتجهت منصات التوصيل إلى إجراءات تسوية لحماية مصدر رزق السائقين.
كيف بدأت الأزمة؟
تعود جذور الحادثة إلى تنفيذ قرارات مرورية جديدة شملت توثيق بند «الإعلان للغير» على رخص المركبات. وبمجرد تطبيق الإجراءات، واجه عدد من السائقين توقيفات وإجراءات إدارية قد تؤدي إلى سحب رخص القيادة أو المركبات في حال عدم تسوية أوضاعهم. انتشر الحادث بسرعة على مواقع التواصل في صور ومنشورات من مناطق مثل المعادي والإسكندرية والهرم.
أرقام تعكس واقعًا أكبر
بحسب تصريحات متاحة من جهات تعمل مع شركات التوصيل، قاعدة بيانات المناديب تتسع لملايين المسجلين، بينما يعمل فعليًا عدد أقل يوميًا. من جهة عملية، تتحرك نحو 30 ألف مندوب بشكل يومي بين دراجات ومركبات، من بينهم نحو 400 مندوبة على مستوى الجمهورية. هذا التفاوت يبرز حجم المرونة التشغيلية وشكل العلاقة غير المباشرة بين المنصات والعاملين.
من يتحمّل التكاليف والمسؤولية؟
تبيّن أن غالبية السائقين يعملون عن طريق مكاتب تعهيد أو بنظام العمل الحر، ما يعني أنهم يتحملون وحدهم نفقات عدة تشمل:
- شراء صناديق الشعار وملابس العمل والخوذ.
- تكاليف الموتوسيكل أو السيارة، البنزين والصيانة.
- مصاريف الترخيص والرسوم، وغالبًا دون تغطية تأمينية صحية أو اجتماعية.
النتيجة أن أي إجراء مروري قد يصبح ثقيلاً على سبل عيش السائقين مهما كانت مدته.
خطوات احترازية وتسويات عملية
ردًا على تداعيات الواقعة، شرعت بعض الشركات في تنسيق إجراءات تسوية مع جهات رسمية ومزودي خدمات الترخيص. من الأمثلة المعلنة، اتفاقات تنسيق لإصدار أو توثيق رخص «الإعلان للغير» لمن تعرضوا لمخالفات، كحل مرحلي يهدف إلى حماية الدخل ومنع عقوبات مستقبلية.
تداعيات أعمق: علاقة العمل والتشريعات
تثير الحادثة سؤالًا أوسع عن الإطار القانوني لعلاقة السائقين مع منصات التوصيل. هل هم موظفون بعقود أم مستقلون؟ وما هي الضمانات الاجتماعية التي يستحقونها؟ الأزمة الحالية تؤكد أن تنظيم هذه العلاقات وتوضيح المسؤوليات بين المنصات ومكاتب التعهيد والعمال أمر حيوي لتجنّب الصدمات المستقبلية للسوق والعمالة.
خلاصة وتوصيات عملية
القضية أظهرت جملة نقاط قابلة للمتابعة من الجهات المختصة والمنصات وأصحاب العمل الحر:
- الإسراع في تسويات إدارية مرنة تحمي الدخل أثناء تحديث قواعد الترخيص.
- تعزيز مسارات التواصل بين المنصات والجهات المرورية لتبسيط آليات الامتثال.
- بحث آليات حماية اجتماعية مؤقتة وطويلة الأمد للعاملين بمنصات التوصيل.
- تشجيع الشفافية في عقود التعهيد وتوضيح مسؤولية تكاليف التشغيل.
نهاية الطريق—وبداية نقاش أكبر
أمام صوت المحركات وآلاف الرحلات اليومية، تقف مسألة تنظيم عمل اقتصاد المنصات عند مفترق طرق. خطوات التهدئة والتسوية الحالية قد تخفف أثر الضربة المؤقتة، لكنها لا تغلق باب الحوار المطول حول حقوق العمال ومرونة السوق وحماية مصادر الدخل. القصة هنا ليست مجرد مخالفة مرورية، بل انعكاس لتحدي تنظيمي واجتماعي يتطلب مشاركة منظمّة بين القطاع العام والقطاع الخاص والممثلين عن العمال.













