تظل برامج المسئولية الاجتماعية تستمد قوتها وشرعيتها من انخراطها المستديم في ثنايا المجتمع المحلي، وعدم تضارب المصالح بين الشركات والمؤسسات من جانب وبين وحدات و هيئات المجتمع من جانب آخر.
وسيظل المواطن البسيط والعامل الكادح هو النواة الأولي للمجتمع، وهو حجر الأساس الأول والأخير للتساند والتكافل الإنساني للمجتمع وضميره الجمعي، وأي ثمة محاولة لزعزعة هذا الضمير ستقود المجتمع- بلا هوادة- نحو الهاوية، لأنها ستمثل حينئذ تهديدًا للعيش المشترك والتكافل الإنساني، وهي أسمي مكونات رأس المال الاجتماعي.
وللمواطن المصري البسيط عاداته وتقاليده؛ التي تشكل في بعض الأحيان حجر عثرة أمام التنفيذ الأمثل لبعض البرامج التنموية التي تقوم بها الشركات؛ كرفض بعض المواطنين لحملة التوعية بمشروع “الرائدات الريفيات” الذي تبنته “المصرية للاتصالات”؛ نظرًا للثقافة الرافضة لعمل المرأة ببعض القري والنجوع، أو ثقافة عدم تنظيم النسل وإنجاب الكثير من الأطفال– حتي وإن كانوا من ذوي الاحتياجات الخاصة- وهو ما يمثل السبب والعامل الأبرز في تآكل مخرجات التنمية.
وفي أحيان أخري يعتقد المواطن أن أعمال التطوير والتجميل للطرق والميادين – والتي تقوم بها بعض الشركات- ستتوقف فور انتهاء المشروع، مما يجعله في حاجة ملحة للحصول علي أكبر كم من الخدمات السريعة مثل المواد الغذائية والمشروبات، خاصًة بالمناطق الفقيرة والمحرومة.
سيظل الحوار المفتوح مع المواطن هو الحل الأمثل لكل من الشركات و وسائل الإعلام التي يجب أن تتحلي بالحكمة في تغطية مبادرات المسئولية الاجتماعية، وعدم تسليط الضوء علي المشاكل والسلبيات التي تعوق تنفيذ هذه البرامج.
وفي النهاية يجدر الإشارة إلي الدور المستديم لأجهزة التنشئة الاجتماعية في سعيها الحثيث نحو إعادة تشكيل ثقافة ووعي المواطن تجاه هذه البرامج التنموية ؛ من منطلق كونها مسئولية وحقًا مجتمعيًا أصيلًا، وليست إحسانًا أو تفضلًا، وهو الدور الذي ينطوي علي تدريس مقررات تعليمية تؤسس وترسخ هذه المعاني بالمدارس والجامعات، والدور التطوعي للمواطن في الانخراط والانغماس بهذه المبادرات.