في ظلّ الطفرة غير المسبوقة لشركات التكنولوجيا المالية (FinTech) بمصر، التي جذبت استثمارات بقيمة 491 مليون دولار في 2023 (حسب بيانات “ماجنيت”).
رغم ترويج الحكومة والمؤسسات المالية للشمول المالي والتحول الرقمي، َتحمل بين طياتها تساؤلا هاماً : هل تعامل البنوك هذه الشركات كمنافسٍ يجب احتواؤه، أم كشريكٍ لتعظيم النفوذ في السوق؟
مع وجود أكثر من 177 شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا المالية ومقدمي خدمات الدفع، أصبحت مصر رائدة إقليمية في مجال الخدمات المالية الرقمية. يستعرض تقرير التكنولوجيا المالية العوامل التي تدفع هذا التحول، بما في ذلك الأطر التنظيمية، ومبادرات القطاعي العام والخاص، والطلب المتزايد على الحلول المالية الرقمية بين الشباب في مصر.
وصرح عمر رزق، الشريك المؤسس والمدير الإداري لشركة “انطلاق”: ” للتكنولوجيا المالية تأثير اقتصادي كبير في مصر. نحن الآن في نقطة تحول رئيسية لهذا القطاع، حيث شهدنا زيادة بمقدار 5.5 ضعف في عدد شركات التكنولوجيا المالية خلال السنوات الخمس الماضية، مدفوعة بخدمات الإقراض والمدفوعات الرقمية والأسواق التجارية بين الشركات (B2B). مما عزز مكانة مصر كمركز رئيسي للتكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
تهيمن ثلاث قطاعات فرعية على مشهد التكنولوجيا المالية في مصر المدفوعات والتحويلات تمثل 36%، و الإقراض والتمويل البديل تشكل 11%، ومنصات أصحاب الأعمال: تصل إلى 10%.

الشركات الناشئة تزاحم البنوك
تمتلك البنوك المصرية وحدها حق إصدار تراخيص البطاقات الائتمانية والحسابات البنكية، ما أجبر شركات مثل Teldaو MoneyFellows على التعاون معها كشريك تقني أو اللجوء لتراخيص بديلة مثل رخصة “المدفوعات” من البنك المركزي.
رغم أن محافظ الدفع التابعة لشركة الاتصالات هي تحت مظلة البنوك العاملة في السوق المحلية، إلا أن البنوك تسارعت في السنوات الأخيرة في تقديم خدمات دفع إلكتروني مثل المحافظ الإلكترونية والانترنت والموبايل البنكي، لتستعيد حصصها مجددا من جعبة الشركات الناشئة.
ويرى الخبير الاقتصادي محمد الألفي إن “البنوك تدرك أن الشراكات مع الناشئة ضرورة، لكنها ترفض التخلي عن سيطرتها على القطاع المالي.”
وقال مؤسس شركة ناشئة “رفض ذكر اسمه” “إذا استمرت البنوك في التعامل بمنطق الاحتكار، سنضطرّ لبناء نظام مالي موازٍ خارج سيطرتها.”
من سينتصر
في 2024، لم يعد السؤال هو “هل ستتعاون البنوك مع الناشئة؟”، بل “من سيسيطر على علاقة العميل بالمال؟”.
فالمؤسسات المالية المصرفية مازالت الأكثر آمانا، فهي تملك التراخيص والثقة التقليدية، لاسيما أنها تسعى جاهدة في تقديم خدماتها بصورة رقمي وتبتعد تدريجيا عن الخدمات المصرفية التقليدية.
على الجانب الآخر تتميز الخدمات المالية لشركات التكنولوجيا المالية الناشئة بخفة الحركة وتجربة مستخدم أفضل.
وقال محمد العنتبلي – رئيس لجنة المشروعات الصغيرة و المتوسطة بإتحاد بنوك مصر قامت شركات التكنولوجيا المالية بالتوغل في مجال الخدمات المالية عن طريق Forward Acquisition وهي نظرية معروفة بالاستحواذ على أو الدخول في أعمال عملائك (كما يوجد Backward Acquisition بالاستحواذ أو الدخول في أعمال الموردين)، وأهم ما ميزهم وساعدهم في تحقيق ذلك هو السرعة والابتكار.
وأكد العنتبلي أن بعض البنوك قامت بإنشاء بنية تحتية وقطاعات للتحول الرقمي بناء على نظرية buy or produce وقامت أيضا بإنشاء بنوك رقمية.
وتابع العنتبلي قائل” يرى البعض أن العلاقة بين البنوك وشركات التكنولوجيا المالية هي منافسة، ويرى البعض أنها تكامل وأرى أنها مزيج من الإثنين… وأيا كان الوضع فإن المفارقة أنه حتى مع ظهور كوفيد والتسارع المحموم والمحمود نحو الرقمنة وتحقق الكثير فلا يزال بعض ما ذكر في مقالة لي منذ 20 عام لم يتحقق! فهل سنراه قريبا أم بعيدا! أم سنرى تطورا أكبر أو أسرع سواء من شركات التكنولوجيا المالية أو البنوك أو لاعبين جدد!”