ازدادت كمية المواد الأولية المستهلكة من 27 مليار طن في سنة 1970 إلى 100 مليار طن في هذه السنة. وفي المقابل، تقارب نسبة المواد التي يعاد تدويرها حالياً نحو 10 في المائة من وزن المواد الأولية المستهلكة. وهذا يشير إلى التضخم الكبير في استهلاك الموارد، وكذلك إلى الفجوة الواسعة التي يمكن ردمها لترشيد الاستهلاك من خلال زيادة التدوير.
من المتوقع ألا يتناول أحد الحديث عن الاقتصاد الدائري، بل إنه سيكون حالة اقتصادية عادية عام 2030 تهدف إلى تقليل الهدر وخفض استهلاك الطاقة والمواد الخام، فلا يعتبر الاقتصاد الدائري رفاهية للاقتصادات، بل سيصبح حاجة ملحة لدفع عجلة التنمية.
واكتسب الاقتصاد الدائري أهمیة سیاسیة وتجاریة بفضل مجهودات المنظمات غیر الربحیة، والمنظمات الحكومیة الدولیة، وعلماء البیئة، والحكومات الوطنیة في مختلف الدول ویساهم الاقتصاد الدائري بشكل كبیر في الحد من تدهور البیئة، واستنزاف مواردها الطبیعیة، والحفاظ علي التنوع البیولوجي، والاستفادة من النفایات بتحویلها لمشروعات إنتاجیة عملاقة، والحد من مخاطر التغیرات المناخیة.
وللحكومات أيضاً دوراً في تشجيع الشركات الخاصّة وذلك عبر وضع حوافز مثل تخفيض الضرائب، تقديم الدّعم، وإقامة الشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPP).
بديل الاقتصاد الخطي
فالاقتصاد الدائري سيكون البديل للاقتصاد «الخطي» الموجود حالياً، ومن المتوقع أن تلعب الشركات الناشئة وشركات التكنولجيا هذا الدور، والذي يتم فيه التخلص من المنتجات بعد استهلاكها وفي الغالب، من دون الاستفادة منها استفادة كاملة، فعلى الرغم من انتشار إعادة التدوير وإعادة الاستخدام،
مازالت هناك كميات هائلة من الفاقد، ويكفي أن نعرف، على سبيل المثال، أن في كل دقيقة يتم دفن أو حرق ما يعادل عبوات ستين شاحنة من الملابس المستعملة وبقايا الأقمشة والمنسوجات (بحسب مؤسسة إيلين ماك أرثر)، وبالطبع هناك الآف الأمثلة من هذا القبيل، سواء في صناعة الغذاء أو الأجهزة الكهربائية أو السيارات، الخ. أما لو تم تغيير قواعد اللعبة بتغيير تقنيات وأساليب التصنيع، وقبل ذلك السياسات والتشريعات اللازمة، فسيتغير كل شيء، وأتصور أن الوقت الحالي هو أفضل حافز للتغيير وترك الاقتصاد الخطي وراء ظهورنا بلا رجعة.
ما المقصود بالاقتصاد الدائري؟
هو عبارة عن نموذج اقتصادي يستهدف تقليل المهدر من المواد والسلع والطاقة والاستفادة منها قدر الإمكان، بحيث يتم خفض الاستهلاك والنفايات والانبعاثات، وذلك عن طريق تبسيط العمليات وسلاسل الإمداد.
الاقتصاد الدائري هو مصطلح عام يعني الاقتصاد الصناعي الذي لا ينتج نفايات أو يحدث تلوثا، من بداية تصميمه ومنذ النية في إنشائه ويعود مفهوم الاقتصاد الدائري إلى عام 1976، الذي نادت به سويسرا والتي طرحت هذا النموذج الاقتصادي ، والذي مفاده أن الاقتصاد الدائري يعمل على الحفاظ على قيمة المنتجات وإدارة المخزون ورأس المال الطبيعي والبشري والمصنّع والمالي.
ويتطلع هذا النموذج إلى إطالة عمر المنتجات في مرحلة الاستخدام، من خلال الحفاظ على قيمتها وتعتبر عملية إعادة التدوير أفضل خيار لإعادة الاستخدام.
ويبرز مفهوم جديد للاقتصاد الدائري تحت اسم «اقتصاد الخدمات» حيث يوجد توجه عالمي للتحول من الملكية الفردية إلى فكرة «رخصة الاستخدام وتقاسم الخدمات»، ويشجع على استخدام التكنولوجيا لدعم خلق منتجات وأنظمة يتم فيها إعادة استخدام المواد وإعادة تدويرها أو إعادة تصنيعها والتوجه نحو التشارك بدلا من الامتلاك.
ويفصل الاقتصاد الدائري بين النمو الاقتصادي والتنمية عن استهلاك الموارد المحدودة، وتهدف إلى إبقاء المنتجات والمكونات والمواد في أعلى قيمة وفائدة في جميع الأوقات من خلال إعادة تنظيم الإنتاج والاستهلاك حول أربعة عناصر رئيسة وهي: إعادة تصميم سلاسل التوريد، والابتكار وتطوير التكنولوجيا، والتغيير في سلوك المستهلكين والسياسات والتنظيمات، التي تمكّن لهذه التغييرات.
مزايا الاقتصاد الدائري
يسهم الاقتصاد الدائري أيضاً في تعظيم الاستفادة من جميع المواد الخام والمعادن والطاقة والموارد بمختلف صورها، فضلاً على إطلاق عمليات إعادة التدوير والاستخدام وإعادة التصنيع والتطوير، بدلاً من نمط الهدر وإلقاء النفايات.
يعيد الاقتصاد الدائري بوجه عام تطوير الأنظمة الصحية والاستهلاكية والتعريف بقيمة الأشياء وأهمية الاستخدام الفعال وتقليل الآثار السلبية الناجمة عن الأنماط الاقتصادية التقليدية، كما أنه يسهم في خلق فرص اقتصادية واستثمارية أفضل للشركات والمؤسسات، فضلاً على المزايا البيئية والاجتماعية.
ويهدف الاقتصاد الدائري إلى الحفاظ على استخدام المنتجات والمعدات والبنية التحتية لفترة أطول، وبالتالي تحسين إنتاجية هذه الموارد، فكلما جرى تناقل الموارد عبر عمليات المعالجة المختلفة، أو من خلال إعادة الاستخدام أو الإصلاح أو إعادة التصميم أو إعادة التصنيع، قلت الحاجة إلى مواد خام جديدة، وتناقصت كمية المخلفات
- الإسهام في توفير التكاليف
- جذب مصادر جديدة للدخل
- تعزيز العلاقات مع أصحاب المصالح
- التقليل من آثار الأزمات حال حدوثها
- تعزيز أداور الاستدامة للشركة وتعزيز علامتها التجارية
- مزايا الاقتصاد الدائري
- یحقق الاقتصاد الدائري المزایا التالية
- تعزیز الكفاءة البیئیة
- تقلیل حجم النفایات والانبعاثات
- إعادة استخدام الموارد في الإنتاج أكثر من مرة
- الحد من استخدام مصادر الطاقة غیر المتجددة
- تقلیل تكالیف المواد الخام واستخدامات الطاقة
- تقلیل تكالیف الحفاظ علي البیئة
- زیادة الشعور بالمسئولیة
- تحسین صورة الأسواق والمؤسسات
- خلق فرص وظیفیة جدیدة من خلال تعظیم استخدامات الموارد
- تعزیز التعاون والمشاركة في كافة مجالات الاقتصاد
- تقلیل الخسائر وتعظیم القیمة
- تقلیل تكالیف إدارة المخلفات
- تقلیل تكالیف التحكم في الانبعاثات الضارة
- خلق أسواق وصناعات جدیدة
- الاعتماد علي أنظمة إنتاجیة صدیقة للبیئة
القطاع الخاص يلعب دوراً أساسياً في تطبيق الاقتصاد الدائري
يلعب القطاع الخاص دوراً أساسيًّا في توسيع نطاق تطبيق الحلول الدائريّة التي تحمل بدورها فرصاً له. فالشركات الخاصّة، منها متعدّدة الجنسيّات، تستطيع التأثير بشكل كبير على سلوك المستهلك خاصّة أن عمليّاتها تمتد على بلدان عديدة وتشمل سلسلة التوريد، شبكة التوزيع والملايين من المستخدمين.
الاقتصاد الدائري يحقق أهداف التنمية المستدامة فى مصر
ان إجمالى المخلفات المتواجدة فى مصر تبلغ 26 مليون طن سنوياً، والاستراتيجية الوطنية الخاصة بالمخلفات خصصت 20% منها لإنتاج الكهرباء، و60 % لتصنيع الأسمدة والوقود البديل، و20% يتم دفنها .
يبلغ اجمالى الفرص الاستثمارية لتنفيذ مشروعات لإنتاج الكهرباء من المخلفات نحو 974 مليون دولار، ونحو 319 مليون دولار لتنفيذ مشروعات إنتاج الأسمدة والوقود البديل.
ووفقاً لاستراتيجية وزارة البيئة، جار إعداد البنية الأساسية والمحطات الوسيطة وانشاء المدافن الصحية للتخلص من النفايات حتى عام 2027 بالتعاون مع وزارة الإنتاج الحربى والهيئة العربية للتصنيع.
مصر ضمن الدول التى تعزز الاقتصاد الدائرى فى 2020
نشر مركز معلومات مجلس الوزراء إنفوجراف أوضح خلاله أن مصر ضمن الدول التي حققت نموًا ملحوظـًا في تقوية حجم اقتصادها الدائري وفقا لتقرير الاقتصاد الدائري 2020.
وأبرز التقرير أن مبادرات رواد الأعمال في إعادة تدوير المخلفات وتفعيل دور الدولة يمهدان الطريق لنمو الاقتصاد الدائري، عالميًا، وبشكل عام “يهدف الاقتصاد الدائري للحد من التدهور البيئي وتعزيز العدالة الاجتماعية من أجل الوصول إلى مساحة بيئية واجتماعية آمنة وعادلة للبشرية”.
محاور الاقتصاد الدائري
يعتمد الاقتصاد الدائري على ثلاثة محاور، هي: إعادة تجديد نظام الطبيعة، تصميم نظام للمخرجات والنفايات، واستمرارية استخدام المنتجات والمواد. إن تبني النظام الاقتصادي الجديد من شأنه أن يقلل انبعاث ثاني أكسيد الكربون بنسبة 48% بحلول عام 2030، ويخفض كلفة النظام الصحي والغذائي بـ550 مليار دولار.
ويقلل الازدحام المروري بنسبة 47%، لقد بدأت بعض الدول مثل أسكتلندا في وضع استراتيجية وطنية للتحول نحو هذا النظام الجديد، كما بدأت بعض الجامعات والجهات التعليمية في طرح مساقات وبرامج دراسات عليا في أساليب الاقتصاد الدائري، وأعتقد أنه سيكون هناك المزيد من خطوات التحول، بعد عبور أزمة «كورونا»، بسرعة كبيرة.
تجارب الدول الكبرى في تطبيق الاقتصاد الدائري
1- دولة ألمانيا
ألمانيا من الدول التي حرصت منذ سنوات على تقليل استعمال البلاستيك بأنواعه الاستهلاكية، الأمر الذي مكنها لتكون من أوائل الدول والمدن التي تطبق مؤشرات التنمية المستدامة، وكذلك زيورخ ولندن وسنغافورة. وللأسف تأتي الدول العربية في نهاية القائمة.
الاهتمام بقضية البيئة والحفاظ عليها والاهتمام بمكوناتها وعدم تدميرها والتي لا تكون إلا من خلال فرض القوانين واللوائح والتشريعات التي تحافظ على مكونات البيئة البحرية وعلى مكونات البيئة الصحراوية والحفاظ على الهواء من التلوث.
2- الحكومة الهولندية
كانت الحكومة الهولندية قد حددت في سنة 2016 مجموعة من الإجراءات التي يمكن أن تسهم في تحقيق التحول السريع إلى الاقتصاد الدائري، وتشمل: خفض الطلب على المواد الخام عن طريق زيادة كفاءة استخدام المواد في سلسلة التوريد، وأن يستبدل بالمواد الخام الأحفورية أو النادرة أو المنتجة بشكل غير مستدام مواد أخرى متاحة بسهولة ومنتجة بشكل مستدام، وتطوير أساليب إنتاج مبتكرة منخفضة الكربون، وتصميم المنتجات بذكاء، وتشجيع الاستهلاك المدروس من خلال إعادة الاستخدام والتصميم الذكي وإطالة عمر المنتج، واستخدام مواد ثانوية أو معاد تدويرها، وتبني اقتصاد المشاركة.
ولا يقتصر الأمر على هولندا، إذ وضعت كثير من الدول، مثل ألمانيا وفنلندا والدنمارك وسلوفينيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، استراتيجيات وخطط طريق لها نحو الاقتصاد الدائري الذي يضمن الحفاظ على قيمة المنتجات والمواد والكيماويات والموارد في الاقتصاد بأعلى فائدة وقيمة لأطول فترة ممكنة.
3- الحكومة الصينية
وفي سنة 2002، اعتمدت الصين الاقتصاد الدائري كاستراتيجية تنموية، وأصبح هذا الأمر نافذاً من خلال قانون «تعزيز الاقتصاد الدائري» الذي صدر في سنة 2009. كما تبنت المفوضية الأوروبية في سنة 2011 «خريطة طريق لأوروبا تتسم بالكفاءة في استخدام الموارد»، واستبدلت بها في سنة 2015 «إغلاق الحلقة: خطة عمل الاتحاد الأوروبي من أجل الاقتصاد الدائري». ولم تأتِ هذه الخطوات الصينية والأوروبية من فراغ، بل استفادت من الأبحاث والسياسات السابقة التي ركزت على إدارة النفايات في أكثر من مكان حول العالم.