تواجه الشركات الناشئة المصرية تحديا قويا في ظل ندرة التمويلات جراء الأوضاع الاقتصادية الحالية وتسارع وتيرة التضخم ورفع سعر الفائدة على الدولار.
وساهمت كل هذه العوامل في تراجع رأس المال المخاطر عن ضخ تمويلات جديدة في الشركات الناشئة، وأصبحت صناديق الاستثمار وشركات رأس المال المخاطر أكثر حرصا على أموالها، الأمر الذي قد يهدد استمرار الشركات الناشئة وبقاءها بالسوق.
مسئولو شركات وخبراء في مجال ريادة الأعمال يعتقدون أن على الشركات الناشئة بمصر مواجهة هذا التحدي بتغيير استراتيجيتهم للعمل على تحقيق الربحية بدلا من التركيز على النمو مع العمل على ضغط التكاليف وخفض النفقات والتخلي عن سياسة “حرق الفلوس”.
وقال عمر المنير، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة سيجما فيت لتكنولوجيا الملابس، إن قطاع الشركات الناشئة في مصر يواجه تحديا قويا في ظل ارتفاع التضخم وتراجع الاستثمارات التي يضخها المستثمرون وصناديق الأستثمار.
أوضح المنير أن هناك العديد من الشركات على وشك الإغلاق وبعض الشركات أغلقت بالفعل والبعض الآخر سرح عددا كبيرا من الموظفين لتقليل النفقات، في ظل صعوبة جذب استثمارات جديدة.
ويرى أنه يجب على الشركات الناشئة تقليل نفقاتها والسعي نحو تحقيق الأرباح لتتواكب مع المتغيرات الاقتصادية الحالية للحفاظ على استمراريتها.
وكانت شركة سويفل لخدمات النقل الذكي إحدى الشركات التي اتبعت هذه السياسة وشهدت تحولا مفاجئا في خططها تأثرا بتداعيات الأوضاع الاقتصادية العالمية، حيث سرحت نحو 10% من موظفيها بمختلف الأسواق التي تعمل بها في مايو الماضي ضمن خططها للتخلي عن ثلث موظفيها، في محاولة منها لتحقيق الأرباح.
كما تراجعت الشركة في مطلع أغسطس الماضي عن إتمام صفقة استحواذها على شركة zeelo للنقل الجماعي البريطانية، والتي كانت ستبلغ قيمتها في حال إتمامها 100 مليون دولار.
ولجأت عدد من الشركات الناشئة في مصر إلى اتخاذ نفس المسار وتخفيض عدد موظفيها خلال الشهور الأخيرة لخفض النفقات ومنها شركات “ونش – كرتونة – ادفعلي – فيزيتا – تاجر”.
ويعتقد تامر أحمد، خبير في ريادة الأعمال، أنه يجب على شركات التكنولوجيا الناشئة أن تغير استراتيجيتها في ظل ندرة التمويلات، من خلال تقليل التكاليف وتحجيم توسعاتها الأفقية في ظل ارتفاع التضخم وتغير ديناميكية السوق.
وقال تامر أحمد،، أن نموذج اعتماد الشركات الناشئة على التمويلات كوسيلة للحفاظ على النمو أمر خطير، وخاصة في ظل الظروف الحالية، ويجب أن يكون اعتماد الشركات على العائدات التي تحققها جراء منتجاتها أو خدماتها وليس الاستثمارات.
ويرى أحمد أن أغلب الشركات التي تعتمد على نموذج التمويلات لدفع نمو الشركات ستتوقف، فالسوق حاليا في مرحلة “فلترة”، ليلفظ الشركات القائمة على أسس غير صحية من الناحية الاقتصادية.
كما يرى أن ظاهرة ضخ الأموال في التسويق بشكل مبالغ فيه لتحقيق معدلات نمو متسارعة فيما يعرف باسم “حرق الفلوس” لجذب التمويلات ستتوقف، نظرا لقلة الموارد المتاحة حاليا للشركات الناشئة.
ونصح تامر أحمد الشركات التكنولوجية التي تعاني من أزمة بسبب الأوضاع الحالية، بالعمل على تخفيض رواتب الموظفين بنسب يمكن تحملها بدلًا من التخلي عن الموظفين، خاصة أن تسريح العاملين يتسبب في خسارة الشركة قبل الموظف نظرا لأنها تستغني لما يملكونه من خبرات.
كذلك يجب على الشركات تغيير خططها للاعتماد في الإنفاق على احتياجاتها وتوسعاتها على العائدات بشكل أساسي، بدلا من التمويلات والاستثمارات المنجذبة، وفقا لأحمد.
ويرى خالد اسماعيل، خبير الاستثمار في مشروعات ريادة الأعمال، أن الظروف الاقتصادية الصعبة الحالية تفرض على الشركات الناشئة البحث عن حلول سريعة لتجاوز الأوضاع الاقتصادية السيئة وارتفاع التضخم، وهو ما دفع كثير من الشركات لتقليل حجم أعمالها وخفض نفقاتها.
ويعتقد اسماعيل أن سوق الشركات الناشئة يشهد حركة كبيرة تتمثل في إغلاق عدد كبير من الشركات التي كانت تعتمد على آلية “حرق الفلوس لتحقيق النمو” وذلك بسبب قلة الاستثمارات المتوقع جذبها الفترة الحالية، فيما ستواجه الشركات الأخرى تحديا كبيرا للبقاء من خلال تحويل نموذج عملها لتحقيق الأرباح بدلا من التركيز على النمو فقط.
واستطاعت الشركات الناشئة المصرية جذب استثمارات أجنبية منذ بداية يناير وحتى نهاية مايو الماضي بقيمة بلغت 380 مليون دولار بنسبة نمو بلغت 190% مقارنة بفترة أول 5 أشهر من 2021، بحسب هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “ايتيدا”.
المصدر: موقع مصراوي