مافيش شك أن أزمة كورونا اثرت فى حياتنا كلها بشكل كبير ، ومن ضمن تأثيراتها كان التأثير المالى القوى جدا اللى تعصف بمقدرات و ميزانيات دول كبرى و أدى الى تأثر الاقتصاد العالمى بشكل سلبي مما انعكس على الشركات التى اضطرت الى تخفيض الرواتب او تسريح العديد من العاملين لديها تخفيض فى النفقات والتكاليف وحتى تستطيع فقط أن تستمر وتبقى فى السوق وليس لكى تحقق ارباح كما كان فى السابق.
ومع انخفاض الدخل و انقطاعه عن البعض اضطر العديد من الأفراد والأسر الى تغيير عاداتهم و سلوكياتهم المالية بما يتوافق مع الوضع جديد ، وبدأت الأسر تعيد تخطيط وتنظيم أولوياتها بشكل مختلف متفاديه المصروفات الغير ضروريه و مخفضه من المصروفات الضروريه بشكل كبير وطبعا ما يتبع ذلك من ارتباك مالى قوى تواجهه تلك الأسر ، وهنا يبقى السؤال …
ألم تكن تلك الأسر وهؤلاء الأفراد فى منأى عن ذلك الوضع لو كان لديهم بعض من الوعى المالى البسيط ؟؟
الإجابة بالتأكيد … نعم …. فلماذا حدث لهم ما حدث ؟
الإجابه هى .. انهم كانوا عندما يعيشون حياتهم بشكل طبيعى قبل الأزمة لم يكن لديهم ادراك او وعي كامل بأهمية التخطيط المالى فى حياتهم الشخصية و كانوا ينظرون الى جميع المصروفات انها ضروريه و هامه جدا لهم ولا يستطيعون الإستغناء عنها ، وطبعا كل ذلك كان يستنزف أموالهم بشكل كبير مما لا يجعل لديهم أى فائض للإدخار … ومن هنا تظهر المشكله الأساسيه وهي ……
عدم وجود وعى مالى لدى هؤلاء الأشخاص ولا إدراك أهمية الادخار ولا استقطاع جزء من الدخل لحالات الطوارىء فبالتالى وجدوا أنفسهم فجأة في وضع مالي غير مسبوق أدى إلى تلك الحالة السيئة التي وصلوا اليها ، و التى اضطروا فيها – رغما عنهم – الى إعادة تنظيم حياتهم المالية طبقا للوضع الجديد.
فى الناحية الأخرى من هؤلاء ظهر الأفراد الذين كان لديهم وعى مالي مسبق وإدراك لأهمية الإدخار و الإستثمار المتوازن مع الاحتياجات الضروريه للحياه بلا تكلف زائد او مصروفات غير ضروريه ، ستجد أن هؤلاء الأفراد كانوا الأقل ضررا والأخف تأثرا بنتائج الأزمة من الفريق الأول حيث كان لديه مخزون مالى مدخر للطوارىء و استثمارات متنوعة اما فى صورة شهادات وودائع بنكية أو استثمار عقارى او غير ذلك من منافذ الاستثمار المختلفة مما خفف من تأثير الازمة عليهم.
ولكن الاهم من ذلك هو أنهم كانوا على وعى كامل بطرق تنظيم مصروفاتهم و تقسيمها الى ضروري وغير ضروري وما له الاولويه وما يمكن تأخيره الى وقت لاحق.
ولذلك أرى أنه من أكبر الفوائد التى يمكن أن نخرج بها من أزمة كورونا هى …
- إدراكنا الكامل بأهمية التخطيط المالى لمواردنا المالية
- ادراكنا انه ليست كل المصروفات التي نراها ضرورية هى كذلك فى الحقيقة
- إعادة تنظيم مصروفاتنا بشكل اكثر واقعية و فاعليه
- أهمية استقطاع مبلغ للإدخار و الطوارىء
- استخدام جزء من مبلغ الادخار للاستثمار فى نواحى مختلفة
- خلق دخل بديل مواز مع الدخل الحالى يتم الإستناد إليه فى حال تأثر الدخل الأساسى
ولذلك إبدأ من اليوم بإدخار فقط 10% من دخلك وضعه فى بند الطوارئ بعيد عن يدك ، وهنا قد يعترض البعض ويقول ان كامل دخله لا يكفيه فكيف له ان يستقطع منه 10% ؟ سأجيبك بافتراض أنه قد تم خصم تلك النسبة من دخلك لأى سبب من الاسباب فكيف كنت ستتصرف ؟ بالتأكيد كنت ستعيد هيكلة امورك المالية على دخلك بعد الخصم … و لذلك اعتبر ان دخلك يتم خصم نسبة 10% لمدة سنة وأبدا فى وضع خطة مالية جديدة لحياتك و تعلم سلوك مالى جديد و ثقافة مالية جديدة ستؤثر على حياتك بشكل جيد و تجنبك مخاطر الأزمات المالية اللاحقة.
ولذلك اعتبر أزمة كورونا هي جرس الأنذار الذى جعلنا ندرك مدى أهمية أن يكون لدينا وعى مالى حقيقى و ان الادخار ليس من الامور الكمالية او الرفاهية و انه يمكننا ان نعيد تنظيم أمورنا المالية بشكل جديد والاهم اننا كنا نعيش فى وهم مالى و عالم افتراضى غير حقيقى خلقناه لأنفسنا لكي نبرر لأنفسنا تصرفاتنا المالية الغير مسئوله.