يقدم موقع ريادي قراءة مركّزة لسيناريوهات اجتماع لجنة السياسة النقدية المنتظر، وكيف ينعكس مسار الفائدة مباشرة على قرارات التمويل والتوسع لدى رواد الأعمال والشركات الناشئة.
التضخم تحت المجهر
كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن تراجع معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية إلى 13.1% في يوليو 2025، مقابل 14.4% في يونيو. وبالموازاة، بلغ معدل التضخم الأساسي السنوي 11.6% في يوليو، مقابل 11.4% في الشهر السابق. وكان البنك المركزي قد أبقى أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الأخير تمهّلًا لمراقبة الضغوط التضخمية، وذلك بعد سلسلة خفض تراكمية منذ بداية العام.
تباين التوقعات: بين خفض وتثبيت
توافقت آراء عدد من بنوك الاستثمار على ترجيح خفض الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس على الأقل في الاجتماع المقبل، فيما رجّح آخرون الإبقاء عليها دون تغيير. ووفق رصد للسوق، شملت الآراء إي إف جي القابضة، النعيم، زيلا كابيتال، سي آي كابيتال، الأهلي فاروس، برايم، مباشر المالية، ثاندر، كايرو كابيتال، وعربية أون لاين، مع الإشارة إلى أن الأسعار الأساسية الحالية تبلغ 24% على الإيداع و25% على الإقراض لليلة واحدة.
حجج داعمة لخفض الفائدة
محمد أبو باشا، كبير الاقتصاديين في “إي إف جي القابضة”: توقع خفضًا بنحو 100 نقطة أساس بدعم من قراءة التضخم الإيجابية لشهر يوليو وغياب ضغوط سعرية كبيرة، إلى جانب قوة الجنيه واحتمالات خفض الفيدرالي الأميركي للفائدة.
هاني جنينة، رئيس البحوث في “الأهلي فاروس”: يتوقع خفضًا قد يبلغ 200 نقطة أساس، مستندًا إلى ارتفاع سعر الفائدة الحقيقي، وتباطؤ التضخم، وتحسن الجنيه، والمبادرات الحكومية لخفض أسعار السلع.
آية زهير، رئيسة البحوث في “زيلا كابيتال”: ترى أن تراجع التضخم للشهر الثاني على التوالي وارتفاع الفائدة الحقيقية وتراجع عقود مبادلة مخاطر الائتمان (CDS) تهيئ بيئة مناسبة لخفض تدريجي داعم للنشاط الاقتصادي.
ويتفق أحمد أبو حسين، رئيس مجلس إدارة “كايرو كابيتال”، مع ترجيح خفض بمقدار 100 نقطة أساس، مشيرًا إلى حزمة من المؤشرات الإيجابية، بينها رفع القيود على استخدام بطاقات الائتمان، وتأجيل تحريك أسعار الطاقة، بما يمنح الأسواق هامش استقرار داعم للتيسير النقدي.
الأصوات المحذّرة من التسرّع
سلمى طه، رئيسة الأبحاث في “نعيم”: ترجّح الإبقاء على أسعار الفائدة، في ضوء اتجاه البلاد لإصدار صكوك دولارية قريبًا؛ إذ قد يستلزم الأمر الحفاظ على عوائد مرتفعة لتعزيز جاذبية التدفقات الأجنبية لأصول الجنيه.
مصطفى شفيع، رئيس البحوث في “عربية أون لاين”: يتوقع تثبيتًا حاليًا واستئناف دورة التيسير في أكتوبر عبر خفض قدره 100 نقطة أساس، يعقبه خفضان إضافيان حتى نهاية العام، بإجمالي يتراوح بين 600 و700 نقطة أساس في 2025.
توقعات المؤسسات الدولية
تتوقع مؤسسة فيتش سوليوشنز أن يخفض البنك المركزي المصري معدل الفائدة الأساسية إلى 21% بنهاية 2025، على أن يتراجع تدريجيًا إلى 11.25% في 2026، ويستقر لاحقًا عند 8.25% خلال الفترة 2028–2034. وبشأن متوسط سعر الإقراض، رُجّح أن يسجل 24.6% في 2025، قبل أن يهبط إلى 16.1% في 2026، ثم إلى 9.8% في 2027، ليستقر عند 8.3% خلال 2028–2034. وعلى صعيد سعر الصرف، رُجّح متوسط 48.91 جنيهًا للدولار بنهاية 2025، مع تحسّن مؤقت للجنيه في 2026 إلى 47.5 جنيه.
قراءة «اتش سي»: خفض بـ200 نقطة أساس
ترى إدارة البحوث المالية في اتش سي للأوراق المالية والاستثمار أن ثمة فرصة لخفض أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس في الاجتماع المنتظر، مستندة إلى تحسن الوضع الخارجي (ارتفاع الجنيه، تراجع مؤشر مبادلة مخاطر الائتمان، زيادة التحويلات، اتساع صافي الأصول الأجنبية وارتفاع الاحتياطيات)، إلى جانب مؤشرات محلية إيجابية كتحسّن مؤشر مديري المشتريات وتأجيل زيادات أسعار الطاقة.
وبحسب تقديرات «اتش سي»، فإن أدوات الدين الحكومية المصرية تظل جذّابة؛ إذ عكس آخر طرح لأذون الخزانة أجل 12 شهرًا عائدًا قدره 26.08%، بما يشير إلى عائد حقيقي إيجابي وفق افتراضات التضخم لـ12 شهرًا المقبلة (15.5%) بعد خصم الضريبة للمستثمرين الأجانب.
أثر القرار على روّاد الأعمال
بالنسبة لرواد الأعمال، يظل سعر الفائدة حجر زاوية في تخطيط التمويل وإدارة رأس المال العامل. فالخفضُ يُخفِّض كلفة الائتمان ويُسرّع وتيرة التوسع، لاسيما في القطاعات كثيفة الاستثمار. أما التثبيت فيُبقي الضغوط على الهامش الربحي والسيولة، ويستلزم تحسين الكفاءة التشغيلية، وإعادة التفاوض على شروط الائتمان، وتبنّي حلول تمويل بديلة مثل التخصيم والتأجير التمويلي.













