في ظل التحولات الاقتصادية السريعة وسباق التكنولوجيا العالمي، تقف الشركات الناشئة المصرية أمام اختبار حاسم: تحويل الإمكانات المحلية إلى قصص نمو عالمية.
لكن دون ضمان توفر رأس المال الكافي والطويل الأمد، تظل هذه الإمكانات حبيسة مراحل مبكرة ومكابدة الصمود أكثر من الانطلاق نحو التوسع.
أزمة التمويل الممتدة
شهدت فعاليات النسخة الثالثة من قمة “التقرير السنوي لريادة الأعمال المصري 2025” جلسة مخصصة بعنوان “سد فجوة رأس المال في مصر”، استعرضت خلالها نخبة من خبراء الاستثمار ورواد الأعمال التحديات البنيوية التي تواجه منظومة التمويل، وتأثيرها على قدرة الشركات الناشئة على التوسع إقليميًا ودوليًا.
آراء الخبراء الأولى
د. أحمد عبد الحميد — المدير التنفيذي لشركة كحيلان لإدارة الأصول: “حجم رأس المال المطلوب لدعم الشركات الناشئة المصرية ليس بمليار دولار فقط؛ بل يتراوح بين 2.5 و3 مليارات دولار لضمان قدرتها على المنافسة وتحقيق نمو مستدام”.
وأضاف عبد الحميد أن الحديث عن شركات قيمة المليار دولار يتطلب صراحة بشأن المدى الحقيقي لحجم رأس المال المطلوب، مشددًا على أن الرؤية الطموحة لا تتحقق دون موارد مالية كافية ومدروسة.
رواد الأعمال والمستثمرون
إبراهيم رمضان — شريك في سواري فينشرز: “سد فجوة رأس المال لا يقتصر على ضخ الأموال، بل يتطلب تطوير قاعدة قوية من مديري الصناديق المحليين القادرين على إدارة الاستثمارات بفعالية. الاعتماد على مؤسسات تمويل أجنبية بنسبة 80–90% ليس مسارًا مستدامًا”.
مايكل لينتس — شريك في جولدن جيت فينشرز: “موقع مصر اليوم شبيه بسوق إندونيسيا قبل عشر سنوات؛ الإمكانات كبيرة لكننا بحاجة لإقناع المستثمرين عبر عرض قصص نجاح قابلة للقياس”.
كريمة الحكيم — المدير الإقليمي لبلاج آند بلاي: “إشراك الشركات الكبرى في تجارب مع الناشئة خطوة أساسية؛ فشراكة ناجحة واحدة قادرة على تحرير رأس مال دولي وتغيير مسار شركة بأكملها”.
فعاليات القمة السنوية
جاءت هذه المداخلات ضمن فعاليات قمة “التقرير السنوي لريادة الأعمال المصري 2025” التي نظمتها شركة انطلاق بمدينة الجونة يومي 25 و26 سبتمبر 2025. اعتمد التقرير المنهج القائم على الأدلة لتقديم صورة متعددة الأبعاد عن واقع ريادة الأعمال في مصر، ربطًا بالمؤشرات الاقتصادية والإطارات القانونية والسياسات العامة.
توصيات عاجلة
خلص المشاركون إلى مجموعة توصيات عملية تهدف إلى سد فجوة التمويل وتعزيز استدامة المنظومة، من أبرزها:
- توفير تمويل مركزي يتراوح بين 2.5 و3 مليارات دولار لدعم مراحل النمو المتقدمة للشركات الناشئة.
- تطوير قدرات إدارة الصناديق المحلية عبر برامج تدريب وشراكات مع مؤسسات دولية ذات خبرة.
- تحفيز شراكات استراتيجية بين الشركات الكبرى والناشئة لخلق فرص تجريبية مؤسسية تُسهِم في جذب رأس المال الدولي.
- إبراز قصص النجاح المصرية بشكل ممنهج ضمن حملات تسويقية موجهة للمستثمرين طويلّي الأجل.
- تقديم حوافز تنظيمية وضريبية لتمكين صناديق المخاطرة المحلية والصناديق المشركة بين القطاعين العام والخاص.
تشير تقديرات مؤسسات دولية وصناديق استثمارية إلى أن الفجوة التمويلية للشركات الناشئة في مصر تتجاوز ملياري دولار سنويًا، وهو ما يعكس الفارق بين الاحتياجات المالية الحقيقية للمنظومة وما يتم ضخه فعليًا من استثمارات.
معالجة هذا العجز تتطلب توازنًا بين مصادر تمويل محلية ودولية وسياسات داعمة لبناء سوق استثماري متين.













