قبيل قرار المركزي.. سوق المال بين رياح التثبيت وتوقعات التيسير
في ظل تباين التوقعات بين خبراء الاقتصاد والمصرفيين، يترقّب السوق المصري قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي اليوم بشأن أسعار الفائدة، وسط إشارات متضاربة من مؤشرات التضخم، وضغوط عالمية ومحلية، وتطلعات لمواصلة دورة التيسير النقدي التي بدأت قبل أسابيع قليلة.
اجتماع حاسم وسط تصاعد التضخم
تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي اجتماعها الثالث خلال عام 2025، لبحث أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، اليوم الخميس، في توقيت دقيق يتزامن مع ارتفاع معدل التغير الشهري في الرقم القياسي لأسعار المستهلكين، والذي سجل 1.3% في أبريل 2025 مقابل 1.6% في مارس. كما ارتفع معدل التضخم العام في الحضر إلى 13.9%، مقابل 13.6% في الشهر السابق، فيما بلغ المعدل السنوي للتضخم الأساسي 10.4% مقابل 9.4%.
مدحت نافع: مؤشرات التثبيت أكثر من مبررات الخفض
يرى الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، أن البنك المركزي قد يتجه إلى تثبيت أسعار الفائدة، رغم التوقعات السابقة بمواصلة الخفض، مشيرًا إلى أن خفض الفائدة بمقدار 2.25% في الاجتماع السابق يمنح “المركزي” فرصة للتريث.
وأوضح نافع أن استمرار ارتفاع أسعار المحروقات، وتزايد معدلات التضخم، والاضطرابات التجارية العالمية، كلها عوامل تدفع باتجاه تثبيت الفائدة. كما أشار إلى تحفظ صندوق النقد الدولي على خفض الفائدة في توقيت سابق، مما يعزّز من احتمالات الإبقاء على المعدلات الحالية.
ماجد فهمي: تثبيت الفائدة ضرورة لحماية الاستثمارات الأجنبية
الخبير المصرفي ماجد فهمي أيد هذا التوجّه، متوقعًا أن يُبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير، في ظل استمرار الضغوط التضخمية الناتجة عن ارتفاع أسعار الطاقة.
ونوّه فهمي إلى أن أي خفض جديد قد يؤدي إلى خروج “الأموال الساخنة” بحثًا عن عائد أعلى في أسواق منافسة مثل تركيا، مما قد يضر باحتياطيات النقد الأجنبي واستقرار سعر الصرف، ما يجعل التثبيت أكثر واقعية في المرحلة الحالية.
محمد البيه: الاقتصاد في مفترق طرق.. والفائدة أداة لا يجب التسرع بها
من جانبه، قال الخبير المصرفي محمد البيه إن الاقتصاد المصري يقف عند نقطة توازن حرجة، تتطلب قراءة دقيقة للمشهد قبل اتخاذ قرار جديد بشأن أسعار الفائدة.
وأوضح البيه أن استمرار ارتفاع معدلات التضخم، بالتزامن مع عدم استقرار العوائد على أدوات الدين، يجعل من الصعب المجازفة بخفض إضافي في أسعار الفائدة. وأضاف أن تحركات الأسواق العالمية – خاصة أسعار الفائدة في الولايات المتحدة – تفرض على المركزي المصري الإبقاء على جاذبية أدوات الدين المحلية لضمان استمرار التدفقات الأجنبية.
ورأى البيه أن التثبيت المؤقت قد يكون الخيار الأكثر عقلانية في الوقت الحالي، لحين وضوح اتجاهات التضخم والسيولة المحلية، وكذلك استيعاب أثر الخفض السابق على السوق.
استطلاع رويترز: التوقعات تميل للخفض
في المقابل، أظهر استطلاع أجرته وكالة “رويترز” أن التوقعات ما زالت تميل إلى خفض أسعار الفائدة، حيث رجّح 16 محللًا أن يُقدم البنك المركزي على خفض بمقدار 175 نقطة أساس، ليستقر سعر الفائدة على الودائع عند 23.25%، وعلى الإقراض عند 24.25%.
وكان البنك المركزي قد خفّض الفائدة بمقدار 225 نقطة أساس في أبريل الماضي، بعد فترة طويلة من التثبيت، في إطار تنفيذ حزمة إصلاح مالي مدعومة من صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار.
رؤى بنوك الاستثمار: بين التحفيز والحذر
إتش سي: توقعت خفضًا بواقع 200 نقطة أساس في اجتماع اليوم، في ظل تحسن نسبي في الأوضاع الاقتصادية، وسعي البنك المركزي لتحفيز النمو.
بنك الكويت الوطني: رجّح أن يخفض المركزي أسعار الفائدة تدريجيًا لتصل إلى 21-22% بحلول نهاية 2025، مقابل 25.5% حاليًا.
هيرميس: أشارت وحدة البحوث بالبنك إلى أن البيئة الاقتصادية باتت مهيأة لمزيد من التيسير النقدي، متوقعة خفضًا يتراوح بين 100 و200 نقطة أساس في الاجتماع.













