مع انعقاد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في بنك الاحتياطي الفيدرالي أيام 16 و17 سبتمبر، يسعى العالم المالي لتقييم مسارات السياسة النقدية الأمريكية المنتظرة، خصوصًا بعد تسجيل التضخم السنوي في الولايات المتحدة 2.9٪ لشهر أغسطس، وارتفاع أسعار الطاقة لأول مرة منذ سبعة أشهر، وتباطؤ نسبي في خلق الوظائف مع ارتفاع معدل البطالة.
في هذا التقرير نستعرض كيف ستؤثر قرارات «الفيدرالي» القادمة على الذهب والدولار، ونضيف إلى ذلك تحليلًا لتطور سعر الدولار في مصر رسميًا، لنبين التفاعل المحتمل بين السياسة الأمريكية والأوضاع المحلية.
توقعات السياسة النقدية الفيدرالية
السوق يُعطي احتمالًا كبيرًا (حوالي 93٪) لخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، إلى نطاق 4.00–4.25٪، مع وجود احتمال أخف لخيار خفض بمقدار نصف نقطة.
يصاحب القرار نشر التوقعات الاقتصادية للفيدرالي، التي ستشير إلى تصور الإدارة لمسار النمو، التضخم، سوق العمل، وربما التغيرات في تسارع الأجور. والتحدي الرئيس هو التوازن: رغبة في خفض الكلفة التمويلية ودعم النمو، مع تجنب موجة تضخم جديدة قد تضر بالاستقرار الاقتصادي، خصوصاً مع تأثر الأسواق بالسيولة العالمية والضغوط الخارجية.
التأثير المحتمل على الذهب والدولار
الذهب
ينطوي خفض الفائدة على دفع مكبر لقيمة الأصول الآمنة كالذهب، إذ يقل الجاذبية النسبية للسندات والعائدات ذات العائد الثابت.
إذا ركّز الفيدرالي على خفض الفائدة بسرعة، فقد يتعزز الطلب على الذهب كتحوط ضد التضخم والتقلبات المالية. من جهة أخرى، استمرار ارتفاع أسعار الطاقة والتضخم قد يدفع المستثمرين للبحث عن الملاذات الآمنة، مما يدعم الذهب.
الدولار الأمريكي
الدولار غالبًا ما يستفيد من رفع الفائدة، لكن في سيناريو خفض الفائدة، الجاذبية الدولية للاستثمار بالدولار تنخفض.
انخفاض العائد على الأدوات المقومة بالدولار يقلل من تدفق رؤوس الأموال إلى الولايات المتحدة، مما قد يضع ضغوطًا هبوطية على الدولار مقابل العملات الأخرى.
مع ذلك، يجب النظر إلى أن الدولار قد يبقى قويًا إذا ظل الاقتصاد الأمريكي قائماً على أداء أفضل نسبيًا من الاقتصادات الأخرى، أو إذا كانت الفائدة الحقيقية – بعد احتساب التضخم – لا تزال إيجابية.
تطور سعر الدولار الرسمي في مصر
حسب البيانات الرسمية، بلغ سعر الدولار أمام الجنيه المصري لدى البنك المركزي حوالي
48.1491 – 48.2491 جنيهًا مؤخرًا.
خلال الأسبوع الأخير مثلاً، تراوح السعر بين 47.97 جنيه و48.58 جنيه للدولار الأمريكي، مع استقرار نسبي في الأيام الأخيرة لمسارات التداول.
هذا الاستقرار النسبي رغم الضغوط التضخمية وقرارات خفض الفائدة المحلية بمعدلات كبيرة (200 نقطة أساس في آخر قرار للبنك المركزي المصري) يشير إلى أن السوق المصري يحاول امتصاص الصدمات الخارجية مع المحافظة على توازن نسبي في سعر الصرف.
قرارات «الفيدرالي» والسعر في مصر
الخيار المحلي للتخفيف النقدي: مع خفض الفائدة في مصر (إلى مثلاً 22–23٪ حسب آخر القرارات) نتيجة انخفاض التضخم التدريجي، تقل الفائدة الحقيقية مما قد يجعل الدولار أكثر جاذبية في عرف المستثمرين الذين يبحثون عن عوائد أعلى في سوق صرف العملات.
التأثر بالتدفقات الدولية: أي ضعف في الدولار عالميًا أو خفض للعائدات في الولايات المتحدة قد يشجع تداول الدولار مقابل الجنيه، خصوصًا إذا استمر الطلب على العملة الأجنبية للتجارة أو سداد الديون أو الاستيراد.
التحوط مقابل المخاطر: ارتفاع الذهب سيؤثر بشكل غير مباشر على الدولار كملاذ بديل، وقد يدفع البعض إلى حفظ قيمة أموالهم بالذهب أو العملات الأجنبية مما يزيد الضغط المحتمل على الجنيه في الأمد المتوسط إن لم تستمر السياسات الاحترازية للبنك المركزي المصري.
رؤية مستقبلية
هل يُعيد الفيدرالي رسم خطوط فارقة بين الدولار والذهب؟ الإجابة المحتملة هي نعم، لكن ليس بشكل تلقائي أو مفاجئ. خفض الفائدة في الولايات المتحدة سيُعطي دفعة للذهب، وسيضع الدولار تحت بعض الضغوط، لكن قوة الاقتصاد الأمريكي، وكذلك التفاؤل العالمي أو المخاوف الاقتصادية (كبعض الأزمات أو قفزات التضخم)، قد تخفف من هذه التأثيرات.
بالنسبة لسعر الدولار في مصر، يبقى العامل الحاسم هو مدى التزام البنك المركزي بالسياسات النقدية الرصينة، حجم التدفقات الأجنبية (سياحة، استثمار، تحويلات)، ومستوى التضخم المحلي الحقيقي. إذا استمر التضخم منخفضًا وتنخفض الفائدة، ومع ضعف الدولار عالميًا، قد نرى ارتفاعًا تدريجيًا لسعر الدولار الرسمي، لكن ببطء نسبي إذا تم ضبط الأوضاع المالية بدقة.













