في خطوة تضعها بين تجارب العالم المتقدمة والخيال التقني، أعلنت ألبانيا عن تعيين “وزيرة رقمية” تعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي، كجزء من جهود الحكومة لتعزيز الشفافية ومحاربة الفساد. التجربة، التي حملت اسم “دييلا” (المستمدة من كلمة تعني الشمس)، تهدف إلى إعادة تشكيل آليات الإدارة العامة عبر أدوات رقمية قادرة على تحليل البيانات وكشف أنماط إساءة الاستخدام.
تفاصيل المبادرة
أعلن رئيس الوزراء إيدي راما عن إدراج “دييلا” ضمن تشكيلة الحكومة الجديدة؛ كيان افتراضي أنشئ بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي، لا يتواجد بشكل مادي لكنه يمارس مهامًا إدارية محددة عبر منصات رقمية. بدأت الوزيرة الرقمية عملها بتوجيه المواطنين إلى كيفية الوصول إلى الخدمات الحكومية عبر الإنترنت، وتقديم قنوات تواصل تتيح استقبال الشكاوى والاستفسارات.
مهامها في مكافحة الفساد
لا تقتصر صلاحيات “دييلا” على الدعم التقني للمستخدمين، بل تمتد إلى آليات المناقصات العامة. ستقوم بجمع القرارات المتعلقة بالعطاءات والصفقات، وتحليل ملفات التعاقد للبحث عن مؤشرات فساد محتملة مثل التلاعب بالمواصفات، تضارب المصالح، أو تأخير التنفيذ المتعمد. وفقًا لرئيس الوزراء، فإن الهدف النهائي هو نقل مسؤولية اختيار الفائزين تدريجيًا بعيدًا عن الوزارات التقليدية، وبناء نظام مناقصات يُعدّ “ذو مصداقية كاملة”.
المنفعة الرقمية والتقنية
تعمل الوزيرة الرقمية بالاعتماد على قاعدة بيانات ضخمة تضم القوانين واللوائح وتقارير المراجعة والإحصاءات القطاعية. تستخدم تقنيات تحليل البيانات ورصد الأنماط لاكتشاف الانحرافات، كما تُوظف خوارزميات مساعدة في تحديد مؤشرات مخاطرة معينة تسمح بتوجيه المراجعين البشريين إلى أماكن الخلل بدقة أعلى.
واجهة المواطن
تستطيع “دييلا” التفاعل مباشرة مع الجمهور عبر مواقع حكومية وتطبيقات وهواتف ذكية وروبوتات محادثة. هذه القنوات توفر الردود على الاستفسارات وتستقبل الشكاوى، ما يعزز من إمكانية مساءلة الجهات المسؤولة ويسهّل متابعة حالات الشكاوى ومآلاتها.
التمثيل الرمزي والشكل البصري
منذ إطلاقها، صُورت “دييلا” في هيئة امرأة ترتدي الزي التقليدي الألباني، وهو اختيار رمزي يهدف إلى خلق تواصل ثقافي مع الجمهور. غير أن الظهور البصري لهذا الكيان الافتراضي قد يتغير مستقبلًا بحسب احتياجات التواصل أو استراتيجيات الحملة الحكومية.
تعكس خطوة ألبانيا اتجاهًا متسارعًا نحو دمج الذكاء الاصطناعي في أجهزة الدولة. إن نجاح هذه المبادرة يعتمد على جودة البيانات، شفافية الخوارزميات، وإطار قانوني يتناول مسؤولية القرار الآلي وإمكانية الاستئناف البشري. قد تكون التكنولوجيا أداة فعالة لتقليل الممارسات الفاسدة، لكن الفاعلية الحقيقية تقاس بمدى اندماج الحلول الرقمية مع ضوابط مؤسساتية قوية وإشراف مستقل.













