في خطوة يترقبها المستثمرون حول العالم، تنعقد اليوم جلسة حاسمة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لاتخاذ قرار بشأن أسعار الفائدة، وسط ترجيحات قوية باتجاه الخفض. وبينما يبدو القرار أمريكيًا من حيث المنشأ، إلا أن صداه يمتد إلى كافة الأسواق، خاصة الأسواق الناشئة مثل مصر، التي تجد في هذا التحول النقدي العالمي فرصة استراتيجية لجذب رؤوس أموال جديدة وتحفيز بيئة ريادة الأعمال.
بحسب تصريحات لموقع ريادي، أكد عدد من الخبراء أن خفض الفائدة الأمريكية يمثل نقطة تحول قد تُعيد رسم خريطة تدفقات الاستثمار، خاصة في ظل تصاعد شهية المخاطرة وتراجع جاذبية السندات الأمريكية، ما يدفع المستثمرين للبحث عن بدائل ذات عائد جيد ومخاطر محسوبة — وهي المعادلة التي تسعى مصر لتحقيقها حاليًا.
من النقد إلى النمو: فرص الاستثمار في الاقتصاد المصري
يرى الخبير الاقتصادي محمد عبد العال أن قرار الفيدرالي الأمريكي المرتقب يُعد فرصة نادرة للأسواق الناشئة لجذب رؤوس أموال تبحث عن عوائد أعلى، مع تخفيف الضغوط على عملاتها المحلية.
“الاقتصاد المصري بدأ يشهد تحسناً في تدفقات الاستثمارات غير المباشرة، رغم قيام البنك المركزي بتخفيض الفائدة محليًا بـ525 نقطة أساس منذ أبريل 2025، وهو ما يعكس ثقة السوق في استقرار الاقتصاد الكلي.”
وأوضح عبد العال أن هذا التوقيت قد يكون مثالياً للمستثمرين الذين يراقبون الأسواق من بعيد، خاصة أن التراجع المحتمل في الفائدة الأمريكية سيجعل من أدوات الدين المصرية أكثر جاذبية نسبيًا، مما يوفر سيولة يمكن أن تُعاد ضخها في قطاعات إنتاجية، أبرزها التكنولوجيا، الخدمات المالية، والبنية التحتية الرقمية.
من الذهب إلى الجنيه: أين تتجه بوصلة المستثمرين؟
أكد الخبير المصرفي عز الدين حسنين أن خفض الفائدة الأمريكية سيكون له تأثيرات واسعة، من أبرزها ارتفاع أسعار الذهب وتراجع مؤشر الدولار، ما يعزز شهية المستثمرين تجاه الأسواق ذات الاستقرار السياسي والاقتصادي.
“رغم المنافسة من دول تقدم عوائد أعلى مثل تركيا، إلا أن مصر تتميز بدرجة عالية من الاستقرار السياسي والاجتماعي، مما يجعلها خيارًا أكثر توازنًا للمستثمر متوسط المخاطرة.”
وأضاف أن هذا الاستقرار النسبي قد يدفع إلى تحسن في التصنيف الائتماني، ويُسهم في دعم الجنيه المصري ورفع الاحتياطي النقدي، مما يوفر بيئة أكثر استقرارًا للشركات الناشئة المحلية والوافدة على حد سواء.
الذهب يصعد… ولكن أين تذهب الاستثمارات الذكية؟
أشار الدكتور رائد سلامة إلى أن خفض الفائدة الأمريكية المتوقع هو انعكاس لحالة من الضبابية يعيشها الاقتصاد الأمريكي، خاصة مع عجز الموازنة ومعدلات التضخم غير المستقرة.
“المستثمر الذكي اليوم لا يبحث فقط عن ملاذ آمن، بل عن فرص نمو حقيقية، وهو ما توفره الأسواق التي تجمع بين الاستقرار وفرص التوسع — وهي بيئة يمكن أن تزدهر فيها الشركات الناشئة إذا توافرت لها الأدوات الصحيحة.”
فرصة استثمارية… لا تمر كثيرًا
مع تزايد المؤشرات نحو خفض الفائدة الأمريكية، تتبلور أمام مصر فرصة استراتيجية لا تتكرر كثيرًا لتعزيز جاذبيتها الاستثمارية واستقطاب رؤوس الأموال الباحثة عن وجهات جديدة.
خفض الفائدة عالميًا يُقلل الضغط على الجنيه المصري، ويفتح الباب أمام المزيد من أدوات التمويل منخفضة التكلفة، وهو ما يُعطي البنك المركزي هامشًا أكبر لمواصلة التيسير النقدي. هذا بدوره قد يُترجم إلى فرص تمويل أرخص للشركات الناشئة، ودعم أكبر لمبادرات الابتكار وريادة الأعمال.
المرحلة القادمة قد تكون حاسمة ليس فقط للاقتصاد الكلي، بل لمشهد الاستثمار وريادة الأعمال في مصر، خاصة مع توجه العديد من صناديق رأس المال الجريء والمستثمرين الدوليين لإعادة توزيع محافظهم بما يتماشى مع التحولات العالمية في السياسة النقدية.













