المليجي: الأجيال تُصنّف اليوم وفق علاقتها بالتكنولوجيا لا بالتاريخ
قال رامي المليجي، مستشار الإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي، إن التطور التكنولوجي المتسارع لم يعد مجرد عامل مؤثر في أنماط الحياة، بل أصبح
المعيار الأساسي لتصنيف الأجيال البشرية عالميًا، مشيرًا إلى أن هذه التصنيفات وُلدت في الأساس داخل عالم التسويق لتفسير الفوارق في السلوك والاستهلاك وطريقة التفاعل مع التكنولوجيا.
وأوضح “المليجي” خلال لقائه مع الإعلامي نشأت الديهي ببرنامج بالورقة والقلم على فضائية TeN، أن ما يُعرف بـ”الجيل الصامت” هو الجيل الذي عاصر
الحرب العالمية الثانية، وتلاه جيل الطفرة بين عامي 1945 و1967.
ثم جاء جيل إكس (X) الممتد من عام 1965 حتى 1980، وهو الجيل الذي شهد دخول الحواسيب إلى المنازل للمرة الأولى.
وأضاف أن جيل واي (Y)، أو ما يُعرف بـ”الجيل الذهبي” (1981 – 1990)، تميز بتوازن فريد بين الحياة الواقعية والتكنولوجيا،
في حين وُلد جيل زد (Z) في بيئة رقمية بالكامل، إذ شكل الإنترنت جزءًا من واقعه منذ لحظة ولادته.
وأشار المليجي إلى أن الفترة من 2014 حتى 2025 تُعرف بـ”جيل ألفا”، وهو جيل “الخوارزميات” الذي يتفاعل مع أنظمة ذكية تتحكم في المحتوى الموجَّه إليه،
بينما سيكون جيل بيتا، المولود ابتداءً من عام 2025، أول أجيال “ما بعد الذكاء الاصطناعي”،
حيث ستُعاد صياغة طبيعة الإدراك والسلوك الإنساني جذريًا.
خطر المؤثرين وغياب الردع المؤسسي
في سياق متصل، حذّر المليجي من تصاعد تأثير المحتوى السطحي الذي ينتجه بعض المؤثرين عبر شبكات التواصل الاجتماعي،
معتبرًا أن ظاهرة “المؤثرين” تمثل خطرًا متزايدًا على الوعي الجمعي رغم كونها واقعًا لا يمكن تجاهله.
وأوضح أن الإشكالية الكبرى تكمن في أن معظم هذا المحتوى لا يصدر عن مؤسسات إعلامية ولا يخضع لأي
ضوابط مهنية أو رقابية، بل يعتمد فقط على الردع الأخلاقي الذاتي،
وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا لتكوين الوعي لدى الأجيال الجديدة.
ودعا المليجي إلى تأسيس منصات للمحتوى الرقمي تحت مظلة مؤسسات إعلامية معترف بها،
مؤكدًا أن بعض الدول بدأت بالفعل في تطبيق هذا النموذج بنجاح، بما يحقق التوازن بين الحرية الرقمية والمسؤولية المجتمعية.
“عفن الدماغ”.. أثر الإفراط في المحتوى القصير
وكشف مستشار الإعلام الرقمي أن جامعة أكسفورد سجّلت عام 2024 مصطلحًا جديدًا هو
“عفن الدماغ” (Brain Rot)، ويشير إلى حالة من تشوش التركيز وتشتت الانتباه
الناتجة عن الإفراط في مشاهدة المقاطع القصيرة التي تُعرّض الدماغ لتدفّق متنوع وسريع من المحتوى،
ما يؤدي إلى تآكل القدرة على الفهم العميق والانتباه المستمر.
وشدد المليجي على أن التعامل الواعي مع الإعلام الرقمي لم يعد خيارًا، بل ضرورة وطنية تتطلب رؤية متكاملة تربط بين التكنولوجيا والوعي المجتمعي،
من أجل حماية الأجيال القادمة من آثار الانغماس غير الواعي في المحتوى السطحي والرقمي المتسارع.













