في خطوة تعزز من الإجراءات الاقتصادية التي أقرتها مصر في مواجهة تداعيات أزمة كورونا.. ثبتت وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتمانى لمصر عند مستوى B/B علي المدى الطويل الأجل والقصير الأجل مع الحفاظ على النظرة المستقبلية المستقرة.
يأتي ثبات تصنيف مصر في وقت شديد الحساسية من عمر الاقتصاد العالمي الذي يواجه تغيرات هيكلية تحت ضغط اتساع عمليات الإغلاق وتعطيل الأعمال للحد من تفشي فيروس كورونا.
ورغم التطورات الخارجية، إلا أن الاقتصاد المصري أظهر تماسكا بدعم من تراكم أرصدة احتياطي النقد الأجنبي، وزخم ارتفاع النمو فيالعامين الماضيين، ما دفع توقعات المؤسسات الدولية ومن بينها صندوق النقد إلى توقع حفاظ الاقتصاد المصري على تحقيق معدلات نمو، فيمقابل تراجع اقتصادات المنطقة.
ويعنى التصنيف الائتمانى، إصدار تقرير اقتصادى عبر مجموعة من الأدوات التحليلية، وقياس للرؤية المستقبلية للاقتصاد، للوقوف على مدى جدارة الدولة فى الحصول على قروض، وقدرتها على السداد، وقياس لعدة مؤشرات اقتصادية كلية أخرى، ويقوم بإصدار التصنيف الائتمانى عدة وكالات دولية، أبرزها مؤسسة “ستاندرد آند بورز” للتصنيف الائتمانى، و”فيتش” و”موديز”.
أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن قرار مؤسسة «ستاندرد أند بورز» بالإبقاء على التصنيف الائتماني لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية، كما هو، عند مستوى «B» مع الإبقاء أيضًا على النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصري، يعكس ثقة المؤسسات الدولية، ومؤسسات التصنيف الائتماني فى قدرة الاقتصاد على التعامل الإيجابى مع أزمة «كورونا» وتجاوزها.
وأرجع ذلك بسبب الإصلاحات الاقتصادية والنقدية والمالية التى اتخذتها القيادة السياسية وساندها الشعب المصري خلال السنوات الماضية، مما أتاح قدرًا من الصلابة للاقتصاد المصري تمكنه من التعامل مع التحديات والصدمات الداخلية والخارجية.
أضاف وزير المالية، إن هذا القرار يعكس أيضًا تقييم خبراء ومحللي مؤسسة «ستاندرد أند بورز» الإيجابى للسياسات الاقتصادية والمالية المتبعة التى تنتهجها الحكومة ووزارة المالية فى التعامل مع الأزمة الحالية، ووجود قدر من التوازن فى السياسات والإجراءات المتبعة لمساندة القطاعات والفئات المتضررة دون اتخاذ أى إجراءات قد تُحد من قدرة الاقتصاد المصري على التعافي السريع بعد انتهاء الأزمة الراهنة التى تواجه الاقتصاد العالمي وكل الدول.
ولفت إلى أن السياسات المساندة التي اتخذتها الحكومة والبنك المركزي المصري حتى الآن تُسهم فى تجنيب البلاد أى أزمات تهدد استدامة استقرار الاقتصاد المصري.
وقال وزير المالية، إن إشادة مؤسسة «ستاندرد أند بورز» بكفاءة وسرعة استجابة الآلية المؤسسية بمصر في إدارة الأزمة الحالية مع التأكيد على أن مصر في مكانة أفضل نسبيًا فى إدارة الأزمة من أقرانها بنفس التصنيف الائتماني «B» حيث انتهجت الحكومة سياسة استباقية لإدارة الأزمة بشكل سريع من خلال توفير الحزمة المالية المقدرة بنحو 2% من الناتج المحلي لمساندة الاقتصاد المصري إضافة إلى تناغم السياسة المالية والنقدية فى إدارة السيولة والحفاظ على المسار الإصلاحي للاقتصاد المصري.
وأوضح أحمد كجوك نائب الوزير للسياسات المالية، أن مؤسسات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى أجرت، منذ أول شهر مارس 2020 وحتي الآن، تعديلات فى تقييمها وتصنيفها الائتمانى لنحو 47 دولة، حيث قامت بتخفيض التصنيف الائتماني، وأجرت تعديلًا سلبيًا على التصنيف لأكثر من 35 دولة «11% منها فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» بينما تم الإبقاء على التصنيف الائتماني لـ 12 دولة فقط بينها مصر، ولم تقم المؤسسات بتحسين التصنيف الائتماني لأى دولة على الإطلاق منذ بداية أزمة كورونا العالمية.
وأشار إلى أن مصر إحدى دولتين بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التى تم الإبقاء على تصنيفها الائتمانى والنظرة المستقبلية لاقتصادها.
أضاف، أنه رغم أن التقرير الصادر عن «ستاندرد أند بورز» بشأن أداء الاقتصاد المصري يتوقع بعض التراجع فى معدلات النمو المحلية فى المدى القصير بشكل مؤقت، مع وجود ضغوط على مؤشرات المالية العامة والدين وأداء ميزان المدفوعات، إلا أنه يمكن حتى الآن احتواؤها والتعامل معها، لافتًا إلى أن خبراء مؤسسة التصنيف توقعوا عودة التحسن والمسار الإيجابي لمؤشرات المالية العالمة والمديونية مرة أخرى بداية من عام 2021/ 2022 .
وقال كجوك، إن التقرير تناول بإيجايبية وجود بدائل عديدة أمام الحكومة المصرية لتمويل احتياجاتها الخارجية والمالية من خلال أسواق السندات الدولية والمؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولى، والبنك الدولى، وبنك التنمية الأفريقى وغيرها من المؤسسات المالية الدولية والإقليمية.
وذكر بيان وزارة المالية، أن تقرير مؤسسة «ستاندرد أند بورز» توقع ارتفاع عجز الميزان الجاري علي نهاية العام المالى 2020/ 2021، وفي الوقت نفسه أشاد بحجم احتياطى النقد الأجنبى لدى البنك المركزي المصري وقدرته على تغطية نحو من 5 إلى 6 أشهر من كل الواردات السلعية والخدمية للبلاد.
وأشار التقرير إلى اعتزام الحكومة المصرية توفير حزمة مالية بقيمة 100٠ مليار جنيه «نحو 2% من الناتج المحلى» للحد من التأثيرات السلبية لتفشى وباء كورونا على الاقتصاد المصري، والقطاعات والفئات الأكثر تأثرًا، لافتًا إلى حدوث بعض التباطؤ في النشاط الاقتصادى والتراجع النسبى فى تقديرات المؤسسة لأداء المالية العامة والدين العام ليصل عجز الموازنة العامة إلى نحو 8.3% من الناتج المحلي فى عام 2019/ 2020، ووصول نسبة المديونية إلى 89% من الناتج المحلى فى يونيه 2020، وهو ما يقل عن نسبة المديونية المحققة فى العام السابق التى بلغت 90.2% من الناتج المحلي.
وأكد التقرير قدرة الحكومة ووزارة المالية على عودة المسار النزولى للمديونية كنسبة من الناتج المحلى بداية من العام المالي 2021/ 2022، مع التخارج من آليات المساندة الاستثنائية المعلن عنها مؤخرًا، وعودة النشاط الاقتصادي للمعدلات الطبيعية وانخفاض تكلفة خدمة الدين العام، متوقعًا أن يُحقق الاقتصاد المصرى معدل نمو 2.8% عام 2020، بسبب تأثر قطاع السياحة بالأحداث العالمية الجارية، وتراجع نشاط قطاع الطاقة بتراجع قيمة الاستثمارات الأجنبية المتدفقة فى المدى القصير.
أشارت التوقعات المحدثة لمؤسسة التصنيف الائتماني إلى انمكاش الاقتصاد العالمى بنحو 2.8% خلال العام الحالى بسبب انكماش النشاط الاقتصادي بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بنحو 5.2% و 7.3% على التوالي، بينما أشارت إلى بدء تعافي النشاط الاقتصادي المحلي فى مصر بداية من النصف الثاني من عام 2021مدعومًا بتحسن معدلات الاستهلاك، وبدء تعافى معدلات وقيمة الاستثمارات العامة والخاصة.
وأشادت المؤسسة بجهود الحكومة فى مجال تنفيذ الإصلاحات الهيكلية مثل برنامج مساندة الصادرات، وتحسين آليات تخصيص الأراضي الصناعية، وقانون المشتريات الحكومية الموحد، واستكمال برنامج «الطروحات العامة» مما سيساعد فى سرعة عودة النشاط الاقتصادى المدعوم من خلال القطاع الخاص فى المدى المتوسط.